الناتو يناقش ضربات استباقية على روسيا
الناتو يناقش تنفيذ ضربات استباقية لروسيا وموسكو تتوعّد بردّ عنيف

الناتو يناقش تنفيذ ضربات استباقية لروسيا وموسكو تتوعّد بردّ عنيف

في تطوّر يُعدّ من أخطر التحوّلات منذ اندلاع الحرب بين روسيا و أوكرانيا، كشفت تقارير إعلامية غربية أن حلف شمال الأطلسي بدأ فعليًا دراسة خيار توجيه ضربات استباقية ضد أهداف روسية، في حال تصاعد التهديدات الأمنية، خاصة على الجبهة الشرقية لأوروبا.

وبحسب ما نقلته صحيفة فاينانشال تايمز، فإن هذا التوجّه يأتي في إطار نقاشات داخلية متقدمة حول الانتقال من الاكتفاء بسياسة ردّ الفعل إلى اعتماد نهج أكثر استباقية في التعامل مع ما يعتبره الحلف تهديدًا متزايدًا لأمن دوله الأعضاء.

تصريحات رسمية تكشف التحوّل

وحسب ما صرّح به الأدميرال جوزيبي كافو دراغون، رئيس اللجنة العسكرية في الحلف، فإن الدراسة الجارية تهدف إلى توسيع خيارات الردع، وقد تُصنَّف بعض الضربات المحتملة، في حال إقرارها، على أنها إجراءات دفاعية استباقية.

غير أن دراغون أقرّ في الوقت نفسه بأن هذا النهج يخرج عن العقيدة التقليدية للحلف، ويطرح إشكاليات كبيرة على المستوى القانوني والسياسي، لا سيما فيما يتعلّق بشرعية الضربات، والجهة المخوّلة باتخاذ قرار بهذا الحجم داخل البنية القيادية للحلف.

ويرى مراقبون أن هذا التحوّل يمثّل نقلة خطيرة من منطق الردع إلى منطق الهجوم المسبق، وهو ما يرفع مستوى المخاطر إلى درجات غير مسبوقة، وقد يضع أوروبا والعالم أمام مرحلة شديدة الحساسية والتعقيد

موسكو تردّ بلهجة تهديد

في المقابل، جاء الردّ من روسيا سريعًا وحادًا، حيث اعتبرت موسكو أن الحديث عن ضربات استباقية يُعدّ عملًا عدائيًا مباشرًا، وتوعّدت بأن أي هجوم سيُقابَل بردّ عنيف وفوري.

كما دانت وزارة الخارجية الروسية هذه التصريحات، ووصفتها بأنها غير مسؤولة وخطيرة، معتبرة أنها تسهم في تقويض جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا، وتدفع بالأزمة نحو مواجهة أوسع قد تخرج عن السيطرة.

وفي وقت سابق، كان السفير الروسي لدى بلجيكا قد اتهم الحلف بـ«ترهيب شعوبه» من خلال الترويج لما وصفه بخطط وهمية لمهاجمة دوله من قبل الكرملين، معتبرًا أن هذا الخطاب يمهّد فعليًا لـ«التحضير لحرب كبرى».

تداعيات التصعيد بين الناتو وروسيا على أوروبا

يأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه الساحة الأوروبية توترًا غير مسبوق منذ عقود، مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وتزايد مؤشرات الاحتكاك المباشر بين القوى الكبرى، ويرى محللون أن مجرد مناقشة خيار الضربة الاستباقية علنًا يدل على أن الخطوط الحمراء التقليدية بدأت تتآكل، وأن هامش الخطأ في الحسابات الاستراتيجية يضيق بشكل مقلق.

والأخطر في هذا المسار أن ساحة الصراع المحتملة ستكون أوروبية بالدرجة الأولى، ما يعني أن أي مواجهة مباشرة لن تبقى محصورة في الإطار العسكري فقط، بل ستتحوّل سريعًا إلى أزمة شاملة تضرب مفاصل القارة كلها،

ومن الممكن أن تقود إلى شللٍ اقتصادي واسع النطاق، وتُدخل أوروبا في أزمة طاقة حادة مع تصاعد المخاطر على الإمدادات والأسعار، وذلك بالتوازي مع موجات لجوء جديدة قد تفوق قدرات الاستيعاب. هذا بالإضافة إلى التهديد المباشر للأمن الداخلي في دول الاتحاد الأوروبي، بسبب الاضطرابات الاجتماعية والضغوط السياسية الغير مسبوقة..

الخاتمة

ما يجري اليوم داخل حلف شمال الأطلسي لا يمكن فصله عن مناخ إعادة تشكيل النظام الأمني الأوروبي، إذ إن الانتقال من منطق الردع إلى منطق الهجوم المسبق، حتى وإن ظل في الإطار النظري، يعني أن العالم يقترب من مرحلة أقل استقرارًا وأكثر قابلية للانفجار مع أي خطأ في الحسابات.

وبين حديث حلف شمال الأطلسي متصاعد عن «الدفاع الاستباقي»، وتهديد روسي صريح بـ«الردّ العنيف والفورى » ، يدخل المشهد الدولي مرحلة شديدة الخطورة، فما يُطرح اليوم في غرف القرار قد يبقى ضمن حدود الردع السياسي، وقد يتحوّل — في حال أي خطأ في التقدير أو التنفيذ — إلى شرارة مواجهة مباشرة لا يمكن التنبؤ بمآلاتها.

تعليقات

لا تعليقات حتى الآن. لماذا لا تبدأ النقاش؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *